(حتّى يُغيّروا ما بأنفسهم (3/الخصومة




(حتّى يُغيّروا ما بأنفسهم 1، 2)

كان ثالث يوم في تربّصٍ جديدٍ في اختصاص غير اختصاصي. لم أكن أعرف أحدا سوى تلك المرأة التي استقبلتني بوجه باسم أوّل يوم و جعلت من ذلك الجزء المهجور من المخبرمأوى لي في انتظار أن يأتي رئيسي الجديد.
 في ذلك اليوم عرّفتني برجل عجوز أُحيل على التّقاعد منذ سنين، لكنّه لازال يشغل منصبه القديم ولاءً لرئيسه.
قدّمت نفسي كطبيبة مقيمة في اختصاص الأمراض الوراثيّة. 
بعد أن رحّب بي سألني:"أين كنت طيلة هذه الأيّام الثّلاثة؟" 
ـ كنت هناك  في القاعة الأخرى مع السّيّدة فلانة..
ـ اسمعي جيّدا بُنيٌتي، صحيح أنّنا في شهر رمضان و أنّني لا أريد أن أغتاب أحدا، لكنّها امرأة سيّئة لا نتشرّف بالعمل معها و لا بمعرفتها. أنت هنا لتعملي معي و مع الأساتذة فلان و فلان، أمّا الآخرون فلا يعنيك أمرهم.. و لا تكلّمي هذه المرأة مجدّدا.
فاجأني كلامه بهذه الطريقة عنها. فأنا لست سوى طبيبة مقيمة عابرة سبيل ..لا أحتاج في عملي إلى هكذا تفاصيل و لن يتواصل مروري معهم سوى أشهر معدودة .. ثمّ ما شأني أنا بكلّ هذه التّرهات؟ 
استرسل قائلا: "أرأيت هذا الجزء من المخبر و ذاك؟ هناك حدود لا ينبغي أن نتجاوزها. ( و كان لا يفصل بينهما سوى جدار يُريد أن ينقضّ .. جدار من طوب و اسمنت.. ). الصّراع بيننا أكبر من ذاك القائم بين اسرائيل و فلسطين!"
لم أنبس ببنت شفة اشمئزازا من التّشبيه المستهتر المستخفّ بعمق القضيّة الفلسطينيّة. و ما الّذي تعرفه أنت عن هذا الصّراع؟ أتُراك أُخرجت من دارك سيّدي؟ أتُراك فقدت أبناءك و أرضك و شجر الزيتون في حقلك؟ أتُراك هُجِّرت من أرضك و تركت مفاتيحك في جيبك على أمل العودة؟ أتُراك افترشت التّراب تحت الخيام و صدى القنابل يُدوّي من بعيد في وطنك؟ أيّ سخافة حصلت بينك و بين هؤلاء كي تبنوا هذا الجدار العازل؟ كيف تجرُؤ أن ترسم مثل هذه الصّورة في ذهنك و تبثّها لي عبر هذا التّشبية المَقيت؟
 أومأت برأسي و لا أدري ما كنت أقصد حينها بتلك الحركة . ربّما ازدراءً لما قاله.. أو لأخنق عبارات المقت التي كانت تلتجّ على أطراف لساني.. 
انصرفت و بداخلي ألف ألف سؤال.. كيف لنا أن ننهض؟

CONVERSATION

1 commentaires:

  1. لا حول ولا قوة إلى بالله، تفشى فساد الأخلاق والإنحلال والاستهتار حتى وصل بنا الحال أن نستخف بالقضية الفلسطينية، أن نجاهر بالمعصية، أن نخالف تعاليم ديننا، أن نغض الطرف عن وصايا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فها نحن نرتشي ولا نقدم خدمة لأحد بدون مقابل ولا تجمعنا سوى المصالح والنوايا الفاسدة. ضميرنا يحتضر، ينتظر من يسعفه, فهل من مسعف؟ لكن هيهات! كل فرد يلوم غيره وينسى نفسه ويلقي بالمسؤلية على المجتمع، لكن من هو هذا المجتمع الذي يتحدثون عنه؟ ألسنا نحن المجتمع؟ يريدون الصلاح و القضاء على الفساد ولا يبادرون، فأي عصا سحرية ستقوم بهذا إن لم نبدأ بإصلاح أنفسنا؟ حقاً "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" نسأل الله السلامة
    :* وانت يا صديقتي <3 لم أعرف هذا الجانب المبدع منك، حقاً كلما طالت معرفتي بك كلما فاجأتني أكثر، متشوقة لأقرأ المزيد. دمت متألقة

    RépondreSupprimer

Back
to top